المادة    
هذه الروايات التي وردت في الحوض ذكر المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- أنها بلغت حدًّ التواتر فقد رواها من الصحابة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم- بضع وثلاثون صحابياً، ثُمَّ قَالَ: ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير -تغمده الله برحمته- في آخر تاريخه الكبير المسمى البداية والنهاية في الجزء الأخير الذي هو النهاية في الفتن والملاحم، وذكر فيه أشراط الساعة وعلاماتها وأهوالها، ولقد ذكر الحافظ ابن حجر- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في الفتح من نقل هذه الطرق وعددها.
ويقول عن نفسه: "فزدت عليهم أجمعين قدر ما ذكروه سواء، فزادت العدة عَلَى الخمسين"، ويقول: "بلغني أن بعض المتأخرين وصلها إِلَى رواية ثمانين صحابياً" وهَؤُلاءِ الصحابة الحديث عن بعضهم فيه ضعف ولا يعني أن الثمانين قد صحت الرواية عنهم كلهم لكنها وردت عنهم، والإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- ذكر في آخر كتاب الرقاق من صحيحه أحاديث الحوض من تسعة عشر طريقاً، وأشهر هَؤُلاءِ الصحابة الذين يروون عنهم هذا الأحاديث هم:
أنس بن مالك، وحذيفة، وعبد الله بن مسعود، وأبو بكرة، وسهل بن سعد، وجندب بن عبد الله، وابْنُ عُمَرَ، وابن عباس، وابن عمرو، وأَبُو هُرَيْرَةَ، وأم المؤمنين عَائِِِشَةَ، وأم المؤمنين أم سلمة، وأبو ذر، وعقبة بن عامر، وحارثة بن وهب، والمستورد، وثوبان، وجابر بن سمرة وهَؤُلاءِ هم أشهر من صحت الطرق عنهم في الصحيحين وغيرها، وورد عن غيرهم، كـأبي بكر الصديق، وأسماء بنت أبي بكر.
فالمقصود أن ثبوت هذا الحديث مثل الشمس، لا يماري ولا يجادل فيه أحد، وأنه كرامة للنبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه يكون يَوْمَ القِيَامَةِ، وأن أمته ترده، وورد أحاديث كثيرة في وصفه عَلَى اختلاف الروايات، منها ما ورد في عرضه، وما ورد في آنيته، وما ورد في بياضه وحلاوته، وما ورد أيضاً من ذود النَّاس عنه، وقد ذكر المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ رواية أنس يقول: [منها: ما رواه البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- عن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- أن رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إن قدر حوضي كما بين أيلة إِلَى صنعاء من اليمن وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء}] هذا الحديث ذكره البُخَارِيّ في نفس باب الحوض من كتاب الرقاق في آخره، وأيضاً أخرجه الإمام أَحْمَد.
وله حتى إن حديث أنس له طرق أخرى، فالمصنف اختار الرواية التي فيها أن قدره كما بين أيلة إِلَى صنعاء؛ وكأنه تعمد أن يختار هذه الرواية التي ذكر فيها قدر الحوض.
وأيلة هي المعروفة باسم إيلات وهي كما وصفها الحافظ ابن حجر يقول: إنها في زمانه مدينة خربة عَلَى الخليج بجوار العقبة، وهي الآن معمورة ومعروفة وتسمى إيلات وهي ميناء لليهود قبحهم الله تَعَالَى ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يذلهم ويخذلهم وأن يردها أرضاً للمسلمين كما كانت وهي عَلَى الخليج المسمى بخليج إيلات، والذي يسميه العرب خليج العقبة وكأن هذه كما يظهر من أطول المسافات.
  1. اختلاف الروايات في تحديد عرض الحوض لا يعني أن الحديث مضطرب:

  2. العلة من تعدد الروايات من قبل الرواة